وهنا جاء دور الانكليز ليلعبوا لعبتهم القذرة، فاخرجوا السيارات المصفحة والمدافع الرشاشة والطيارات لمحاصرة فيصل الدويش على طول حدود الكويت ـ العراق ـ الأردن، ومن ناحية أخرى هاجمه محسن الفرم رئيس قبيلة حرب، ومعه ابن طواله وابن سويط وعدد من عربان العراق وكانوا موتورين جميعا من الدويش والتقوا به في يوم 30 ديسمبر 1929 قرب الحفر في شمال الجزيرة العربية وهاجموه واشعلوا النار في خيمته فهرب منهم متجها إلى الكويت ولم تتركه القوات الانكليزية بل طاردته حتّى استسلم لها بالجهرة في 9 يناير 1930 م.
.
تحث السير ليلاً ونهارا، حتى تمكنت من اللحاق بهم بعد يومين! والسيوف والاذرعة وحدها لا تكفي … فاضطروا إلى فك حصارهم بأنفسهم، ونزحوا مختارين بعيدا عن الاحساء إلى الشمال… وقد سجل لهم التاريخ بطولاتهم الرائعة التي خلدتها أفعالهم وأقوالهم في تلك القصائد الشعبية العديدة ومنها قول شاعرهم، نغيمش الشاعر العجمي: ليل على ابن اسعود ياليل النّدم ذبح الاصائل والعمار الغاليه أخوك يا عزيّز من الموت انكتم وراك تهرب منه وأنت اتخايله صابك وصاب أخوك من الموت السهم بالليل الاظلم… ليتنا بالقايله! كما لا أريد إقحام القارئ في متاهات الاحتمالات، بل أترك له المجال ليبقى باب الاستكمال مفتوحاً.
.
.
راكان بن حثلين … بطل انجبته العجمان… والعجمان قبيلة شجاعة أنجبت العديد من الابطال ولعبت أدواراً بارزة في حياتها الطويلة وكفاحها الشجاع ضد الاستعمار العثماني والانكليزي والسعودي وكان من قادتها البارزين الشجاع المعروف راكان بن حثلين، الذي قاوم مع قبيلته أنواع الاحتلال، فبعد أن استولى الاحتلال العثماني على منطقة الإحساء قام الاحتلال بتعيين فيصل بن سعود الأول اماما! فأجابهم راكان بقوله: ان كل من أرسلتموهم لقتال هذا الزعيم لايدفعهم الايمان بأهداف ـ حب الأرض ـ فيتغلب الزعيم عليهم لكونه يؤمن بهدف، وهذا الهدف هو الدفاع عن وطنه، أما أنا فقد ذهبت إليه لأموت بيده أشرف لي من سجنكم أو أقتله فأعود إلى أرضي، وأثناء صراعي معه كاد يقتلني حينما ارتخى السيف في يدي لحظة أمام هذا الشجاع، لسبب واحد ارتخى السيف في يدي وهو أنني تذكرت أن هذا الزعيم يقاتل فوق أرضه دفاعا عن أرضه التي أقاتله عليها مقابل وعدكم بعودتي إلى أرضي، ولكنني في ذات اللحظة تذكرت أن هذا الزعيم لا يفهم من أنا ولا يدرك أنني بطل مثله وأنه سيقتلني لا محالة لو تراخيت عن قتله!.