ثُمَّ في ذلك إذا تأمَّل المُتأمِّل وجوهٌ من الفضل: منها أنه وإن كان عنده في موضع الثقة، فإنه غير مأمونٍ عليه ألَّا يضبط السر فيفسد التدبير بإفشائه تلك الليلة إلى من يلقاه من الأعداء.
وكيف يقول الجاحظ: لا فضيلة لمُباشَرة الحروب ولقاء الأقران وقتل أبطال الشرك؟ وهل قامت عُمُد الإسلام إلا على ذلك؟ وهل ثبت الدين واستقر إلا بذلك؟ أتُراه لم يسمع قول الله تعالى: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ! فمعناه نَزْر، وقوله لغو، ومطلبه سجع، وكلامه لعب ولهو.
» وقلتم إن الله تعالى أنزل فيه: وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى، قلتم: هي في أبي بكر ومسطح بن أثاثة.