، وبهذه الطرق وأمثالها كان مبادئ ظهور الكفر من عبادة الأصنام وغيرها ، ومن هذا القسم أيضا ما قد عم الابتلاء به ؛ من تزيـين الشيطان للعامة تخليق الحيطان والعُمُد ، وسرج مواضع مخصوصة في كل بلد يحكِـي لهم حاكٍ أنه رأى في مـنامه بها أحداً ممن شُهِـر بالصلاح والولاية ، إلى أن يَعظُم وقعَ تلك الأماكن في قلوبهم ، ويعظمونها ، ويرجون الشفاء لمرضاهم ، وقضاء حوائجهم بالنذر لها ، وهي ما بين عيون وشجر وحائط ، وفي مدينة دمشق ، صانها الله تعالى من ذلك ، مواضع متعددة.
وجميع ذلك وما هو نحوه دال على انقطاع الحس والحركة من الميت ، وأن أرواحهم ممسكة ، وأن أعمالهم منقطعة عن زيادة ونقصان ، فدل على أنه ليس للميت تصرف في ذاته فضلا عن غيره بحركة ، فإذا عجز عن حركة نفسه فكيف يتصرف في غيره ؟ فإنه سبحانه يخبر أن الأرواح عنده ، وهؤلاء الملحدون يقولون إن الأرواح مطلقة متصرفة! حتما ذلك الصاحب سيشعر أنه يسخر منه ويقلل من شأنه ، فالذي يفعل بالصالحين كذلك فإنه في الحقيقة يتنقصهم ويحتقرهم ، وإنما يوقرهم الذي يقتدي بهم في فعل الخير ويدعو لهم ، لا الذي يدعوهم وينزلهم منزلة الرب ، تعالى الله عن ذلك.
وهذا الدليل ظاهر بحمد الله.