بل أنا من قتلتُ نفسي أولاً، هل يستطيع الميت أن يعود للحياة! هكذا بدأت اعي أن الأعمال السورية تعبر عن شيء مختلف مرتبط تماماً بوطن غير وطني، هو الوطن السوري، الذي يربض هناك، خلف حدودنا، والذي لم أره في حياتي بالعين المجردة، ولم تطأه قدماي.
لذلك دعوتها مرة اخرى للشراب.
لاحطت منها إلتفاتة تبعتها بنظرة فتلاقت عينانا وتوقعت بقلب خافق أن أطالع فى وجهها أى إنفعال يفيد أنها تتذكرنى أو يؤكد أن حدثى صادق.
ولأن اليوم كان السبت، لم يتوقف أي شخص تقريبًا عند المتجر، بل كانت سيارات المنطقة تولي عابرة في طريقها إلى المدينة.
جلسنا في أول مقهى صادفنا، طلب قهوة، وظل جالسًا وهو شارد يفكر في شيء ما، يلف بين أصابعه سيجارة وأخيرًا أشعلها وقال: - حين وقفت إزاء تمثال الفتاة، وأمعنت النظر طويلاً في ملامحها الخلاسية، أحسست بأني خفيف، رشيق، دافئ كما لو أن شمسًا أشرقت في قلبي بعد أيام مطيرة وباردة، في ذلك الصباح هاجت في نفسي ذكريات بعيدة.
واشترت طقمًا من الأطباق وطقمًا من القدور ذات القعور النحاسية وأودعتهما ذلك الصندوق؛ وظلت هي والمرأة العجوز وماي يأكلن في أطباق متكسرة الحواف ويطبخن في قدور من كثرة ما تخبطت كانت تتأرجح فوق الموقد.